قبل شهر رمضان ، شهر الخيرات ، شهر تتنزل فيه الرحمات،شهر يتزيّن الكون لاستقباله وتنبض القلوب فرحاً وشوقاً للقائه فُتِّحت أبواب الجنة ، وغلِّقت أبواب النار ، وصفدت الشياطين ومردة الجان ، ينادي المنادي : يا باغي الخير أقبل, ويا باغي الشر أقصر ، ولله عتقاء من النار ، وذلك في كل ليلة.
هذا هو رمضان، أيها الإخوة الصائمون، ومع ذلك فإن رمضان لم يعد موسما للخير، والأجر فقط، بل بات مناسبة لعرض آخر ما أنتجته دور السينما حول العالم، الفضائيات، والإنترنت، ووسائل التسلية واللعب، باتت تحتل علينا وقت رمضان.
والخطير في الأمر:أن بعض الصائمين بدل أن يعتبر أيام رمضان، ولياليه فرصة نادرة، قد لا تتكرر له، ويستغلها في الصيام، والقيام، وتلاوة القرآن، بدل ذلك يعتبر البعض وقت رمضان فترة طويلة مملة عليه أن يقتلها باللهو، والمسلسلات، واللعب.
والواقع أيها الإخوة أن من يقتل الوقت، إنما يقتل عمره، وحياته، وإذا كان الحكماء قد قالوا: إن الوقت من ذهب"، فما بالكم بوقت رمضان؟؟ أيهاا لإخوة .الإسلام دين وسط في كل شيء، والحسنة بين معصيتين، بين الإفراط، والتفريط، فالمسلم له أن يأخذ من الراحة، واللهو المباح، والمرح نصيبا، ولكن ليس على حساب الفرائض، والواجبات.
ومن الملاحظ أن الناس في رمضان أغلبهم على قسمين:
قسم منقطع للعبادة بشكل كامل، منعزل عن الناس تماما، يعطل جميع أعماله، ليتفرغ للعبادة في رمضان، لا يكسب، ولا يضحك، وكأنه في عالم آخر، ليس هذا ما يجب أن يكون، فهذه هي "الرهبانية" التي جاءت في القرآن الكريم في قوله تعالى
ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم).
أما القسم الثاني فهو قسم غارق في اللهو، والترفيه، منهمك في متابعة المسلسلات، والأفلام، نهاره نوم، وليله سهر في اللعب، واللهو، فهؤلاء وقعوا في التفريض، وأولائك وقعوا في الإفراط، وإنما "كان بين ذلك قواما"
صحيح أن المشاغل كثيرة، والمغريات جمة، ومتعددة، ولكن على الصائم أن يضع جدولا يوميا لرمضان، يكون أغلبه للعبادة، وبعضه للراحة، وجزء منه للترفيه، واللهو المباح، وأن يحرص على إعطاء كل ذي حق حقه، فالله تبارك وتعالى حقه مقدم على كل شيء، والجسم له حق روحي، وبدني.
وعلى المسلم في رمضان أن يضع نصب عينيه قاعدة مفادها:أن رمضان موسم تضاعف فيه أجور الأعمال، ونحن نشاهد الناس عندما تعلن شركات الاتصال عن مضاعفة بطاقات الشحن يقبلون على شراء هذه البطاقات ليستفيدوا من الفرصة قبل انتهاء مهلة الزيادة، ولله المثل الأعلى.
تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام، وضاعف لنا ولكم الأجر