مغزي هشام
عدد المساهمات : 252 نقاط : 538 تاريخ التسجيل : 31/12/2013
| موضوع: أسباب الحرمان من الجنة الأحد فبراير 16, 2014 12:17 am | |
| لقد عاش الأنبياء والمرسلون وأتباعهم عبر الدهور والعصور يدعون الله تعالى أن يبلغهم الجنة، وأن يمن عليهم ويحقق لهم هذا المطلب العظيم، فسعوا بكل ما أوتوا من همة وعزم إلى التنافس في ذلك، فأسهروا ليلهم قياماً، وأشغلوا نهارهم ذكراً وصياماً، وهجروا ملذات الدنيا طلباً وسعياً إلى هذا الغرض النبيل، والمقصد العظيم. قد يظن البعض أن الحديث عن الجنة أمر تقليدي مكرر تكاد تسأمه بعض النفوس، ولا ريب أن هذا خلاف الفطرة وخلاف هدي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهل أرق الصالحين وأقض مضاجع المتقين إلا أنهم يخافون أن يمنعوا من دخول الجنة؟! الجنة خلقها الله جل وعلا في ظاهر أقوال العلماء وظاهر القرآن بيده، وهي الدار التي أعدها الله تبارك وتعالى لأوليائه وأهل طاعته.وأنها مخلوقة موجودة الآن، وقد قدر الله أنها لا تبيد ولا تفنى. هذه الجنة أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها قيعان، وأن أعظم غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فقد صح عنه صلوات الله وسلامه عليه أنه قال: (لما عرج بي لقيت خليل الله إبراهيم فأوصاني قائلاً: يا محمد، أقرأ مني أمتك السلام وأخبرهم أن الجنة قيعان، وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) .
هذه الجنة عظم شوقها إلى بعض عباد الله الصالحين، قال صلى الله عليه وسلم كما في الخبر الصحيح (إن الجنة لتشتاق إلى ثلاثة: إلى علي وعمار وسلمان) رضوان الله جل وعلا عليهم، ولا يعني ذلك أن الجنة لا تشتاق إلى غيرهم، فإن الحديث في سياق الخبر وليس في سياق الحصر.
فلا ريب أن الجنة تشتاق إلى أبي بكر وعمر وغيرهما من عباد الله المؤمنين، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر فقط عن ثلاثة ليبين ما لهؤلاء الثلاثة من عظيم القدر وجليل المكانة عند ربنا تبارك وتعالى.
هذه الجنة يمنع عنها أقوام بالكلية فلا يدخلونها أبداً رغم ما فيها من الفضل وما جعل الله فيها من الرحمة، وما فيها من نعيم الله الذي لا ينفد وقرة العين التي لا تنقطع، وهؤلاء - والعياذ بالله - هم أهل الكفر والإشراك، قال الله جل وعلا: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ [المائدة:72] .
فمن أشرك بالله أو كفر به جل وعلا فإن الجنة عليه حرام تحريماً مؤبداً، فإن الله جل وعلا أخبر أنه ما بعث الرسل ولا أنزل الكتب ولا خلق الجن والإنس ولا أقيم سوق العرض ولا خلقت السماوات والأرض إلا ليوحد سبحانه ويعبد دون سواه، فمن خالف هذا الأمر الرباني الإلهي الذي أجراه الله على الأمم كلها كان حراماً عليه بقدر الله أن يدخل الجنة.
قال الله جل وعلا عن أهل معصيته بعد أن بين سبب عذابهم والنكال بهم وحرمانهم من نعمة الله، قال: إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ [الصافات:35] .
فمن ذلت عينه وقلبه وخشعت نفسه أمام هذه الكلمة وفق لكل خير، ومن منعها ولم يجد لها مكاناً أو مساغاً في قلبه فالجنة عليه حرام بكلام رب العالمين جل جلاله، جعلنا الله وإياكم ممن يؤمن به ويعبده وحده دون سواه.
فهؤلاء من حرم الله عليهم الجنة تحريماً مؤبداً. ومن الناس من ذل لهذه الكلمة لكنه عصى النبي صلى الله عليه وسلم وعصى الشرع في أمور كثيرة، فهؤلاء لا يمكن لهم أن يدخلوا الجنة ابتداءً ولو ماتوا على التوحيد، قال صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة عاق لوالديه) .
الجنة من أعظم المنازل ولا يدخلها إلا ذو قلب سليم، وكيف تجتمع سلامة قلب مع عقوق لوالدة حملتك تسعة أشهر أو عقوق لوالد رباك ورعاك؟ عقوق الوالدين من أعظم ما يمنع رحمة الله جل وعلا، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة عاق لوالديه) .
الخمر أم الخبائث، حرمها الله في كتابه وحرمها رسوله صلى الله عليه وسلم، وهي مظنة كل شر وسبب كل بلاء، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة مدمن خمر) أي: ولو مات على لا إله إلا الله، إلا أن يكون قد تاب قبل وفاته، فإن الخمر والعياذ بالله حرمها الله وحرمها رسوله صلى الله عليه وسلم.
ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بسببها عشرة من الناس، ولم يرد في الشرع كله أن النبي لعن بسبب شيء معين عشرة من العباد إلا ما ورد في لعن الخمر وشاربها وبقية العشرة، أعاذنا الله وإياكم من ذلك كله.
قد يكون للإنسان جار ولكن ذلك الجار - والعياذ بالله - فيه من الخلل والزلل ما يجعلك لا تأمن أنت ولا زوجتك ولا أبناؤك ولا بناتك ذلك الجار، تخاف على بناتك وأبنائك إذا سافرت، يؤذيك في كل شيء من موقف سيارتك إلى عرضك وأهل بيتك، هذا الجار حرم الله عليه أن يدخل الجنة، قال صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه) أعاذنا الله وإياكم من سوء الجار.
كما أخبر صلى الله عليه وسلم أنه لا يدخل الجنة ابتداءً قاطع الرحم، والإنسان - والعياذ بالله - إذا غلبت عليه الأنانية وحب الذات وحرم منه أعمامه وأخواله وعماته وخالاته، وحرم الفقير والبائس والمسكين وذو الحاجة من عطائه إما بحجج واهية كاشتغال بطلب علم أو بحضور محاضرات، أو بتجارة أو بأمثال ذلك من الحجج الواهية، قال صلى الله عليه وسلم في الخبر الصحيح: (لا يدخل الجنة قاطع) أي: لا يدخل الجنة قاطع رحم؛ لأن الرحم اشتق الله لها جل وعلا اسماً من اسمه وقال: (أما ترضين أن أصل من وصلكِ وأقطع من قطعكِ) .
فهؤلاء وأمثالهم ممن نص الشرع عليهم حرم الله جل وعلا عليهم دخول الجنة ابتداء كما حرم الله دخول الجنة ابتداءً على من في قلوبهم كبر، ومن عرف الله جل وعلا وجليل منزلته وما له جل وعلا من رداء الكبرياء والعظمة امتنع على أن يتكبر، وتواضع للرب تبارك وتعالى، وعرف للعباد حقوقهم التي أوجب الله جل وعلا عليه، قال صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر) . |
|
زائر زائر
| موضوع: رد: أسباب الحرمان من الجنة الأحد فبراير 16, 2014 12:55 pm | |
| |
|