الرحلة إلى الدار الآخرة ٢٥
الصور الذي ينفخ فيه
وقد ذكر البخاري في « قرن عظيم الخلقة » : الصور في لغة العرب
صحيحه عن مجاهد بن جبر المكي أن الصور مثل البوق فإذا نفخ فيه
صاحب الصور النفخة الأولى يصعق من في السماوات ومن في الأرض
إلا من شاء الله سبحانه وإذا نفخ فيه صاحب الصور النفخة الثانية
عندما سئل عن ذهبت كل روح إلى جسده وقد قال رسول الله
رواه الترمذي وأبو داود « الصور قرن ينفخ فيه » : الصور فقال
وصححه الألباني.
النافخ في الصور
اشتهر أن صاحب الصور إسرافيل » : قال ابن حجر العسقلاني
.« عليه السلام
والذي لا إله غيره إن الساعة قريبة وأصبح إسرافيل مستعداً للنفخ
في الصور فقد روى عبدالله بن المبارك في كتابه الزهد والترمذي في
سننه وأبو نعيم في الحلية وأبو يعلى في مسنده وابن حبان في صحيحه
والحاكم في المستدرك وصححه الألباني عن أبي سعيد الخدري قال:
كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرنَ » : قال رسول الله
وحنى جبهته وأصغى سمعه ينتظر أن يؤمر أن ينفخ فينفخ. قال
المسلمون: فكيف نقول يا رسول الله؟ قال: قولوا: حسبنا الله ونعم
.« الوكيل توكلنا على الله ربنا
الرحلة إلى الدارالآخرة ٢٦
اليوم الذي ينفخ فيه الصور
وسيد الأيام في الأسبوع سيد الأنبياء والمرسلين هو محمد
أن اليوم الذي ينفخ فيه هو يوم الجمعة وقد أخبرنا سيد ولد آدم
إن » الصور هو سيد الأيام من الأسبوع فقد قال رسول الله
من أفضل الأيام يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه قبض وفيه النفخة
وفيه الصعقة فأكثروا عل ي من الصلاة فإن صلاتكم معروضة
رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه والدارمي والبيهقي من « عل ي
حديث أوس بن أوس رضي الله عنه.
المدة التي ما بين النفختين
الذي يظهر أن إسرافيل ينفخ في الصور مرتين:
- النفخة الأولى: يحصل فيها الصعق.
- النفخة الثانية: يحصل فيها البعث
« الراجفة » وقد سمى سبحانه وتعالى في القرآن النفخة الأولى
وذلك في قوله تعالى [يوم تر ج ف ال راجِفَُة] « الرادفة » وسمى الثانية
{النازعات: ٦}. وقد سمى سبحانه وتعالى في القرآن أيضاً النفخة
وذلك في قوله « النفخ بالصور » وسمى الثانية « الصيحة » الأولى
تعالى: [ما ين ُ ظ رونَ إِلَّا صيحةً واحدةً تأْ خ ُ ذ هم و هم يخ ص مونَ *
فَلَا يستطيعونَ توصيةً ولَا إِلَى أَهلهِم يرجِعونَ * ونفخ في ال صورِ
.{٥١- فَإِذَا هم من الأَجداث إِلَى ربهِم ينسُِلونَ]. {يس: ٤٩
وقد جاءت الأحاديث النبوية مصرحة بالنفختين والمدة بينهما
وقد جاء في صحيح البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه
قالوا: يا أبا هريرة « ما بين النفختين أربعون » : قال عن النبي
الرحلة إلى الدار الآخرة ٢٧
أربعون يوماً. شهراً. سنة قال: أبيت. قال ابن حجر رحمه الله في
زعم بعض الشراح أنه وقع عند مسلم (أربعين » : كتابه فتح الباري
سنة) ولا وجود لذلك وقد أخرج بن مردويه من طريق سعيد بن
الصلت عن الأعمش في هذا الإسناد قولهم (أربعون سنة) وهو شاذ
من وجه ضعيف عن ابن عباس قال: (ما بين النفخة والنفخة
أربعون سنة) وقد أخرج بن مردويه من طريق زيد بن أسلم عن أبي
هريرة قال: ( ما بين النفختين أربعون) قال ابن التين: يحتمل أيضاً
أن يكون علم ذلك لكن سكت ليخبرهم في وقت أو اشتغل عن
.« الإعلام حينئذ
الذين لا يصعقون عند النفخ في الصور
ذكر جل وعلا في كتابه العظيم أن بعض من في السموات
ومن في الأرض لا يصعقون عندما يصعق من في السموات ومن في
الأرض قال تعالى: [ونفخ في ال صورِ فَصعق من في ال سماوات
.{ ومن في الأَرضِ إِلَّا من شاءَ اللهُ] {الزمر: ٦٨
وذهب بعض أهل العلم أن الأولى بالمسلم التوقف في تعيين
الذين استثناهم لأنه لم يصح في ذلك نص يدل على المراد.
التعريف بالبعث والنشور
البعث والنشور: إعادة الأرواح في الأجسام بعد أمر الله عز
وجل إسرافيل أن ينفخ في الصور وقيام الناس أمام رب العالمين.
بأن السماء يترل منها الماء فتنبت منه وقد أخبر النبي
.« نفخة البعث والنشور » الأجساد وذلك قبل النفخة الثانية وهي
الرحلة إلى الدارالآخرة ٢٨
البعث خلق جديد
يعيد الله العباد أنفسهم ولكنهم يخلقون خلقاً مختلفاً شيئاً ما
عما كانوا عليه في الحياة الدنيا فمن ذلك:
١- أم لا يموتون مهما أصام البلاء.
٢- يبصرون الملائكة والجن.
٣- أهل الجنة لا يبصقون ولا يتغوطون ولا يتبولون.
٤- تعظم الخلقة لعظيم النعم أو لعظيم العذاب.
أول من تنشق عنه الأرض
جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال
أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من ينشق » رسول الله
.« عنه القبر
حشر الخلائق إلى الموقف العظيم
دلت النصوص من الكتاب والسنة الصحيحة أنه يحشر الخلق
جميعاً الإنس والجن والملائكة واختلف العلماء في البهائم واختار أبو
العباس ابن تيمية أن البهائم تحشر كما دل على ذلك الكتاب
والسنة الصحيحة.
صفة حشر العباد
لا يبعث العباد في ثيام التي ُ كفِّنوا ا أو ماتوا فيها وإنما
يبعثهون على حالتهم التي ماتوا عليها من الإيمان أو الكفر، أو
اليقين والشك كما يبعث العبد على العمل الذي كان يعمله عند
الرحلة إلى الدار الآخرة ٢٩
موته ويحشر الناس حفاة عراة ُ غرلاً غير مختونين وبهماً لا شيء
معهم.
جاء في صحيح البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله
ثم .« إنكم محشورون حفاة عراةً ُ غرلاً » : قال عنهما أن النبي
قرأ [كَما بدأْنا أَ ولَ خلْقٍ نعي ده وعدا علَينا إِنا ُ كنا فَاعلين]
قالت: {الأنبياء: ١٠٤ } وعندما سمعت عائشة قول رسول الله
يا رسول الله الرجال والنساء جميعاً ينظر بعضهم بعضاً فقال رسول
.« يا عائشة الأمر أش د من أن ينظر بعضهم إلى بعض » الله
كسوة العباد يوم المعاد
يكسى العباد كما صحت بذلك الأحاديث بأن الصالحين
يكسون الثياب الكريمة ويكسى الطالحون بسرابيل القطران ودروع
الجرب ونحوها من الملابس المنكرة الفظيعة.
وأول من يكسى من عباد الله نبي الله إبراهيم خليل الرحمن عليه
السلام كما صح في ذلك الأحاديث.
والسبب في ذلك لأنه أول من لبس السراويل إذا صلى بالغ
في التستر ويحتمل أنه عندما ُألقي في النار أم جردوه من ملابسه
فجزاه الله بأنه أول من يكسى على رؤوس الخلائق أماناً له وليطمئن
قلبه وإكراماً بفعله عليه السلام.
أرض المحشر
يحشر العباد يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي
ليس فيها معلم لأحد ولم يسفك عليها دم حرام ولم يعمل عليها
الرحلة إلى الدارالآخرة ٣٠
خطيئة قط وليس فيها لابن آدم إلا موضع قدميه وهي في أرض
الشام كما جاء في ذلك الأحاديث.
خاطرة إيمانية
اعلم رحمني الله وإياك بأن الله جل وعلا إذا أراد أمراً عظيماً قدم
له مقدمات عظيمة فيوم القيامة تنوعت فيه الأسماء والصفات لذلك
اليوم العظيم وينفخ في الصور إيذاناً بقرع أبواب اية الحياة في
الأرض والسماء وتجري الأهوال والأحداث إلى أن يقف الناس في
موقف عظيم أمام رب العالمين ليس بين العبد وبين ربه جل وعلا
ترجمان فهل تزودت لهذا الموقف العظيم بالإيمان والأعمال
الصالحات؟!!!.
الرحلة إلى الدار الآخرة ٣١
وقت تبديل الأرض والسموات
جاء في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت
عن قوله عز وجل [يوم تب د ُ ل الأَر ض غَير الأَرضِ رسول الله
وال سموا ت] {إبراهيم: ٤٨ } فأين يكون الناس
.« على الصراط » : يا رسول الله ؟ فقال
إذاً ذا يكون وقت تبديل السموات والأرض وهو وقت مرور
الناس على الصراط أو قبل ذلك بقليل وقال عبدالله بن عباس رضي
يزاد فيها وينقص منها ويذهب آكامها وجبالها » : الله عنهما في الآية
.« وأوديتها وشجرها وتمد مد الأديم العكاظي
المكذبون بالبعث والنشور
المكذبون بالبعث والنشور في الحقيقة بأم يكذبون الله
بما يكون يوم المعاد، ويصنف هؤلاء المكذبون بالبعث ورسوله
والنشور إلى ثلاثة أصناف:
١- الملاحدة الذين ينكرون وجود الخالق وينكرون النشأة
الأولى والثانية. فهؤلاء يناقشون في وجود الخالق ووحدانيته ثم
يناقشون إثبات المعاد لأنه فرع من الإيمان بالله عز وجل.
٢- الذين يعترفون بوجود الخالق ولكنهم يكذبون بالبعث
والنشور. ومن هؤلاء كفار العرب الذين يدعون أم يؤمنون بالله
ولكنهم يدعون أن الله يعجز عن إحيائهم بعد موم.
٣- الذين يؤمنون بالمعاد على غير الصفة التي جاءت ا
الشرائع السماوية.