لعمري لقد أيقنتُ أنَّك ميِّتٌ
ولكنَّما أَبْدَى الذي قلتُه الجَزَع
وقلتُ يغيبُ الوحي عنَّا لفقدِه
كما غاب موسى، ثمَّ يرجعُ كما رجع
وكان هواي أن تطولَ حياتُه
وليس لحيٍّ في بقا ميِّتٍ طمع
فلمَّا كشفنا البردَ عن حرِّ وجهِه
إذا الأمرُ بالجزع الموهب قد وقع
فلم تكُ لي عندَ المصيبةِ حيلةٌ
أردُّ بها أهلَ الشَّمَاتَة والقَذَع
سوى آذن الله في كتابه
وما آذن الله العبادَ به يقع
وقد قلتُ مِن بعدِ المقالةِ قولةً
لها في حلوقِ الشَّامتين به بشع
أَلَا إنَّما كان النَّبيُّ محمدٌ
إلى أجلٍ وافى به الوقتَ فانقطع
ندينُ على العلات منَّا بدينِه
ونعطي الذي أعطى، ونمنعُ ما منع
ووليت محزونًا بعينٍ سخينةٍ
أكفكفُ دمعي والفؤادُ قد انصدع
وقلت لعيني: كلُّ دمعٍ ذخرتُه
فجودي به إنَّ الشَّجيَّ له دفع
وقال العلاء بن قرضة:
إذا ما الدَّهرُ جرَّ على أناسٍ
كَلَاكِلَه أناخ بآخرينا
فقلْ للشَّامتين بنا أفيقوا
سيلقَى الشَّامتون كما لقينا
وقال أبو العبَّاس المبرِّد: وهلك أخ لبعض الأعراب، فأظهر له الشَّمَاتَة بعض بني عمِّه؛ فأنشأ الأعرابيُّ يقول:
ولقد أقولُ لذي الشَّمَاتَةِ إذ رأى فجعي
ومَن يذقِ الفجيعةَ يجزعِ
اشمتْ فقد قَرَع الحوادثُ مروتي
وافرحْ بمروتِك التي لم تُقْرَعِ
إن تبقَ تُفْجَعْ بالأحبةِ كلِّهم
أو تُرْدِك الأحداثُ إن لم تُفْجَع
وقال نهشل بن حري:
ومَن يرَ بالأقوامِ يومًا يرونه
معرَّةَ يومٍ لا تُوَازَى كواكبُه
فقلْ للذي يُبدي الشَّمَاتَةَ جاهلًا
سيأتيك كأسٌ أنت لا بدَّ شاربُه
وقال حارثة بن بدر:
يا أيُّها الشَّامتُ المبدي عداوتَه
ما بالمنايا التي عيَّرت مِن عارِ
تراك تنجو سليمًا مِن غوائلِها
هيهاتَ لا بدَّ أن يسري بك السَّاري