مغزي هشام
عدد المساهمات : 252 نقاط : 538 تاريخ التسجيل : 31/12/2013
| موضوع: اللغة العربية تنعي أهلها الأحد فبراير 16, 2014 11:40 pm | |
| نظرت إلى اللغة العربية فإذا هي ملقاة على فراش الموت ، تنازع الحياة وتنازعها الحياة ، وإذا بقومها قد نصبوا سرادق مأتمها و هي لا زالت تلتقط أنفاسا تتشبث من خلالها بالبقاء ! فزٍعت العربية ، لغةُ القرآن ولغةُ الحديث والبيان ، فقالت : ماذا ألمّ بي وبكم معاشر العربية ؟ لماذا هُجرتُ في ريعان شبابي ؟ و من الذي يندبني قبل أن يأن أواني ؟ أغيظ العدا مني لحمليَ القرآن و محكم البيان على مرّ الأعوام و كرّ الزمان ، فأشاعوا مقولة عجزي ليصرفوا الناس عني ، فينيخ الحِملُ بكاهلي و يلحق بي القرآن و معجز البيان في غياهب النسيان ؟ لا ، والله ، إن من تكفّل بحفظ القرآن لكفيلٌ بحفظ قالبه ، سبحانه . وأنتم يا معشر الكتّاب ، يا من تكتبون بالإسلام و للإسلام ، أضَربتمْ عن ذكرى صفحاً و رضيتم بالعامية و شبه العامية بدلاً !؟ ألستم أجدرَ أن تراعوا مقامي و أن تعرفوا قدري ، فتبعثوني حيّة في مسوّدات صحائفكم ، فأرتد جذعة[1] في لسان أقوامكم وحياتهم ، فإن أخشى ما أخشاه عليكم "أن تحين وفاتي". أفيقوا – هداكم الله – إلى لغتكم الجميلة و أحيوها تحيوا بحياتها . قال حافظ إبراهيم : رجعت لنفسي فاتهمت حَصَاتــــي[2] و ناديت قومي فاحتسبت حياتــي رموني بعقم في الشباب و ليتنـــي عقُمت فلم أجْزَعْ لقولِ عُداتـــي[3] ولََـَدتُ فلمــّا لم أجـِـدْ لعرائسـي رجــالاً و أكفاءً و أدتُ بناتــي وسِعتُ كتاب الله لفظاً و غايــــة ً و ما ضِقت عن آي به وعظــات فكيف أعجزُ عن وصــف آلـــةٍ وتنسيـقِ أسماءٍ لمخترعــــات أنا البحرُ في أحشائِه الدرُ كامـــنٌ فهل سَاءلوا الغواصَ عن صَدفاتـي؟ فيا ويحَكمْ أبْلى[4] وتَبلى محاسنــي و منكم ، وإن عَـزّ الدواءَ ، أساتي[5] فـلا تَكِلونـــي[6] للزمان فإننـي أخافُ عليكم أن تحيـن وفاتـــي أرى لرجال الغربِ عِزّاً ومنعــــةً و كم عَـزّ أقــوامٌ بعِــزِّ لغـاتِ أتوْا أهلهـــم بالمعجزاتِ تفنُّنــاً فيا ليتكــم تأتـــون بالكلمــات أيطرِبكم من جانبِ الغربِ ناعــبٌ[7] ينادي بوأدي في رَبيع حياتـــي؟ ولو تزجرون الطيرَ يوماً علِمْتُــمُ بما تحتَه من عثـرة و شتــــات سقى الله في بطن الجزيرة أعظُمـاً يعـِــــزّ عليها أن تلين قنـاتي[8] حفظن ودادي في البلى وحفظتُــه لهــــــن بقلب دائم الحسرات وفاخرتُ أهلَ الغرب،والشرقُ مطرقٌ حيــــاءً ، بتلك الأعظمِ النخراتِ[9] أرى كــل يوم بالجرائـد مَزلقـاً من القبــر يُدنينـي بغيرِ أنـاةِ[10] وأسمعُ للكتابِ في مصــرَ ضجـة ً فأعلم أن الصائحيـن نُعاتـــي أيهجرني قومي عفا الله عنهـــم إلى لغـة لم تتصــــل برواة ؟ سرت لوثة الأعاجم فيها كما سرى لعــاب الأفاعي في مسيل فرات[11] فجاءتْ كثوبٍ ضم سبعين رُقعــة ً مُشَكّلـــــةَ ًالألوان مختلفاتِ إلى معشر الكتاب و الجمعُ حَافــلٌ بَسطتُ رجائي بعد بَسطِ شَكاتــي فإما حياة ٌتبعثُ الميت في البلــى وتَنبتُ في تلك الرُمُوسٍ[12] رُفاتي وإمِّــا ممـاتٌ لا قيامـةَََ بعــدهُ مماتٌ لعمري لم يُقـسْ بممـــاتِ [1] جذعة : جديدة [2] الذين يحصون عليّ أمرى أي ينظرون فيه [3] العداة : الأعداء [4] أبلى : أي يصيبنى البلى أى الهِرم والكبر [5] أساتي : أي أطبائي الذين يأسون جراجى أي يداوونها [6] تكلوني : أي تتركوني وشأني [7] ناعبٌ : النعب هو رفع الصوت والصياح، يقال نعب المؤذن [8] لين القناة : كناية عن الضعف [9] الأعظم العظام ، والنخرة البالية المتكسرة من القدم قال تعالى : أإذا كنا عظاما نخرة ؟ يريد أعلام اللغة وفقهاؤها من الأوائل [10] الأناة : الروية ، أي يدنيني بسرعة [11] فرات : النهر [12] الرموس : القبور ومفردها رمس |
|