مقدمة
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما
بعد:
وهذا الأصل « الإيمان باليوم الآخر » فإن من أصول الإيمان
كثيراً ما يذكره جل وعلا مقروناً بالإيمان به لأهميته وعظيم أمره
ولهذا جمع ت في هذه الورقات بعض المقدمات والأحداث من ساعة
الرحلة إلى الدار » : الموت إلى دار القرار وسميتها مجتهداً
.(١)« الآخرة
نسأل الله العلي القدير أن يوفقنا للأعمال الصالحة ويختم لنا
بالتوحيد وأن يجعل مصيرنا الفردوس الأعلى من الجنة. صلى الله
.( وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين( ٢
كتبه الفقير إلى عفو ربه القدير
أبو خلاد ناصر بن سعيد بن سيف السيف
غفر الله له ولوالديه وجميع المسلمين
القيامة » ١) استفدت في تحضير هذه المادة من عدة مراجع وفي مقدمتها كتاب )
لفضيلة الشيخ عمر بن سليمان الأشقر حفظه الله « الصغرى والقيامة الكبرى
تعالى وقد اعتمدت غالباً على مواضيع الكتابين والتعليق عليهما والحمد لله
الذي بنعمته تتم الصالحات.
٢) نشكر فضيلة شيخنا الشيخ سامي بن محمد الخميس حفظه الله تعالى على )
مراجعته هذه الورقات والتعليق عليها فجزاه الله خير الجزاء والحمد لله الذي
بنعمته تتم الصالحات.
الرحلة إلى الدارالآخرة ٦
ُقصر الأمل والاستعداد للموت
قصر الأمل هو استحضار بقرب الرحيل وسرعة انقضاء مدة
الحياة وهو من أنفع الأمور للقلب فإنه يبعث على انتهاز فرصة
الحياة التي تمر مر السحاب والمبادرة بالعمل الصالح قبل طي
صحائف الأعمال ويثير ساكن عزماته إلى دار البقاء ويحثّه على
قضاء جهاز سفره وتدارك الفارط ويزهده في الدنيا ويرغّبه في
الآخرة.
: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله
رواه « أعذر الله إلى امرىء أ خر أجله حتى بلغ ستين سنة »
البخاري وأحمد .
لا » : وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله
يتمن ين أحدكم الموت إما محسناً فلعله يزداد وإما مسيئاً فلعله
رواه البخاري ومسلم. « يستعتب
بمنكبي وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: أخذ رسول الله
رواه البخاري « كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل » : فقال
وأحمد.
إذا أصبحت فلا تنتظر المساء وإذا » : وكان ابن عمر يقول
أمسيت فلا تنتظر الصباح وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك
.« لموتك
المؤمن كالغريب لا يجزع من » : قال الحسن البصري رحمه الله
.« ذلها ولا ينافس في عزها له شأن وللناس شأن
اعلم أن طول الأمل له » : قال الشيخ أحمد فريد حفظه الله
.« سببان: أحدهما: الجهل والآخر: حب الدنيا
الرحلة إلى الدار الآخرة ٧
حب الدنيا » : قال شيخنا الشيخ سامي الخميس حفظه الله
.« يقود إلى الغفلة وهي من أعظم أسباب طول الأمل
من أطال الأمل » : قال شيخنا الشيخ خالد الهويسين حفظه الله
.« أساء العمل ومن قصر الأمل أحسن العمل
إن الدنيا ارتحلت » : قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه
مدبرة وإن الآخرة ارتحلت مقبلة ولكل منهما بنون فكونوا من أبناء
الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولا حساب وغداً
.« حساب ولا عمل
الدنيا مثل قطعة الثلج » : قال الشيخ أحمد فريد حفظه الله
رخيصة الثمن ومع ذلك تذوب ولا تبقى والآخرة مثل الجوهرة
غالية الثمن ولا تذوب وإنما ينشأ الزهد في الدنيا من اليقين قال عز
.«{ وجل: [والآَخرُة خير وأَبقَى] {الأعلى: ١٧
التأني في كل شيء خير » : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه
.« إلا في أعمال الخير في الآخرة
إذا أردت أن تنفعك صلاتك فقل » : قال بكر المزني رحمه الله
.« لعلي لا أصلي غيرها
ما ظنك » : قال رجل لمحمد بن واسع: كيف أصبحت؟ فقال
.« برجل يرتحل كل يوم مرحلة إلى الآخرة
حقيقة الموت
الموت مقدمة من مقدمات اليوم الآخر وهو القيامة الصغرى
فمن مات قامت قيامته قال الله عز وجل: [ ُ كلُّ نفْسٍ ذَائقَُة المَوت]
.{ {العنكبوت: ٥٧
الرحلة إلى الدارالآخرة ٨
الموت تعلّق الروح بالبدن ومفارقته » : قال القرطبي رحمه الله
.« وحيلولة بينهما وتبدل حال وانتقال من دار إلى دار
وقد أوكل الله سبحانه وتعالى ملك الموت بقبض الأرواح
ومعه أعوانه، ومن الخطأ ما يزعمه بعض الناس تسمية ملك الموت
بعزرائيل.
كل حديث » : قال شيخنا الشيخ خالد الهويسين حفظه الله
.« يفيد أن ملك الموت اسمه عزرائيل لا يصح
حقيقة الروح
حقيقة الروح لا يعلم كيفيتها إلا الله عز وجل [ويسأَُلونك
.{ عنِ ال روحِ ُقلِ ال رو ح من أَمرِ ربي] {الإسراء: ٨٥
ومذهب الصحابة » : قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
والتابعين لهم بإحسان وسائر سلف الأمة وأئمة السنة أن الروح عين
قائمة بنفسها تفارق البدن وتنعم وتعذّب وليست هي البدن ولا
جزء من أجزاءه وأن روح الآدمي مخلوقة باتفاق سلف الأمة
وأئمتها وسائر أهل السنة وقد حكي إجماع العلماء على أا مخلوقة
.« غير واحد من أئمة المسلمين
معاني الروح في القرآن
ذكر ابن القيم رحمه الله أن الروح في القرآن على سبعة
معاني: الوحي والقوة والثبات والنصرة التي يؤيد الله ا المؤمنين
وجبريل وعيسى بن مريم والروح التي سأل عنها اليهود.
للإنسان نفس واحدة ولها ثلاث صفات
الرحلة إلى الدار الآخرة ٩
التحقيق أن للإنسان نفساً واحدة ولكن لها صفات كما ذكر
ذلك ابن القيم رحمه الله فتسمى باعتبار كل صفة باسم وهي: النفس
المطمئنة والنفس الأمارة بالسوء والنفس اللوامة.
النفس المطمئنة: هي التي تحب الخير والحسنات وتريده وتبغض
الشر والسيئات وتكره ذلك وقد صار ذلك لها خلقاً وعادة وملَكة.
النفس الأمارة بالسوء: وهي التي يغلب عليها اتباع هواها
بفعل الذنوب والمعاصي.
النفس اللوامة: وهي التي تذنب وتتوب فيصدر عنها الخير
والشر ولكن إذا فعلت الشر تابت وأنابت فتسمى لوامة لأا تلوم
صاحبها على فعل الذنوب وتلوم صاحبها على عدم الازدياد في
الخير.
الروح والنفس
الروح والنفس معناهما واح د فبهما حياة البدن فإذا فارقت
البدن صارت روحاً وإذا كانت في البدن صارت نفساً.
إضافة الروح إلى الله تعالى
قال تعالى: [ونفَخ ت فيه من روحي] فالإضافة هنا إضافة
تخصيص وتشريف.
الرحلة إلى الدارالآخرة ١٠
علاقة الروح بالبدن
( علاقة الروح بالبدن على خمسة أحوال كلها علاقات أمديه( ١
إلا الخامسة فهي علاقة أبدية:
الحالة الأولى : عندما تنفخ الروح في البدن في رحم المرأة.
الحالة الثانية : عندما تفارق الروح البدن في الدنيا وهو
الموت.
الحالة الثالثة : عندما تعود الروح للبدن بعد الدفن وهي حياة
البرزخ.
الحالة الرابعة: عندما تفارق الروح البدن بعد النفخ في الصور
.« نفخة الصعق »
الحالة الخامسة: عندما تعود الروح للبدن بعد النفخ في الصور
.« نفخة البعث والنشور