الرحلة إلى الدار الآخرة ٤٣
الذي يسأل وله ما يغنيه
يبعث الله عز وجل من كان يسأل الناس وله ما يغنيه وفي
وجهه ما يشوهه من خموش أو كدوش.
جاء في مسند الإمام أحمد عن عمران بن حصين قال: قال
.« مسألة الغنى شين في وجهه يوم القيامة » : رسول الله
البصاق في اتجاه القبلة
جهة القبلة محترمة ومقدسة ولذا جاءت الأحاديث ناهية عن
استقبال القبلة واستدبارها حال البول والغائط ومما ي عنه كذلك
البصاق اتجاه القبلة.
جاء في مسند البزار وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
تبعث النخامة في القبلة يوم القيامة وهي » : قال رسول الله
.« في وجه صاحبها
وجاء في سنن أبي داود وغيره عن حذيفة رضي الله عنه قال:
من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة وتفله » : قال رسول الله
.« بين عينيه
من كذب في حلمه
روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن
من تحلم بحلم لم يره ُ كلِّف أن يعقد بين شعيرتين » : قال النبي
ولن يفعل ومن استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون أو يفرون
.« منه ص ب في ُأذنيه الأنك يوم القيامة
سئل الإمام مالك رحمه الله عن الذي يكذب في الرؤيا فقال:
.«؟ أبالنبوة يلعب »
الرحلة إلى الدارالآخرة ٤٤
خاطرة إيمانية
إن من أعظم الحسرة والندامة أن يأتي العبد يوم القيامة وهو
محمل بالذنوب والمعاصي وهو يعتقد أنه قد أحسن عملاً ولذا فإن
أشد ما يحمله العبد يوم القيامة الأوزار وأا من أسباب دخول دار
البوار: [م ما خطيئَاتهِم ُأغْرُِقوا فَُأدخُلوا نارا] {نوح: ٢٥ } وفي هذا
الوقت لا تنفع التوبة والاستغفار فلْيحرص العبد على أن يزداد من
الخير للقاء رب الأرباب يوم التناد قال جل في علاه: [وتز و دوا فَإِنَّ
.{ خير ال زاد التقْوى] {البقرة: ١٩٧
يفزع الناس يوم القيامة
السر العظيم في هذا الأمن الذي يشمل الله به عباده الأتقياء أن
قلوم كانت في الدنيا عامرة بمخافة الله فأقاموا ليلهم وأظمؤوا
ارهم واستعدوا ليوم الوقوف بين يدي الله عز وجل.
فلما كان العبد أكثر إخلاصاً لربه تبارك وتعالى كان أكثر
أمناً يوم القيامة فالموحدون المخلصون لهم الأمن التام يوم القيامة.
الذين يظلهم الله في ظله
عندما يقف الناس أمام رب العالمين وتدنو الشمس منهم قدر ميل
ويتفاوت عرق الناس فيما بينهم على قدر أعمالهم يستظل ُأناس تحت
ظل عرش الرحمن وهؤلاء ذكروا في أصناف متعددة وربما يجمع
الإمام العادل والشاب الذي » : الإنسان بعضها أو كلها ومن هؤلاء
نشأ في طاعة الله والذي قلبه معلَّق بالمساجد والمتحابون في الله ومن
ترك الفاحشة خوفاً من الله والمنفق في سبيل الله في الخفاء ومن فاضت
.« عيناه لله وإنظار المعسر أو الوضع عنه ومن نفس عن غريمه أو محا عنه
الرحلة إلى الدار الآخرة ٤٥
الذين ييسرون على المعسرين
روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن أبي هريرة رضي الله
كان رجل يداين الناس فكان يقول لفتاه: » : قال عنه أن النبي
إذا أتيت معسراً تجاوز عنه لعل الله أن يتجاوز عنا قال: فلقي الله
.« فتجاوز عنه
المتقون الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا
العادلون يوم القيامة في مقام رفيع يجلسون على منابر من نور
عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين فقد جاء في صحيح مسلم عن
إن المقسطين عند الله » : عبدالله بن عمرو قال: قال رسول الله
على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين
.« الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا
الشهداء والمرابطون
إذا فزع الناس يوم القيامة فإن الشهيد لا يفزع جاء في سنن
الترمذي وابن ماجه عن المقدام بن معدي كرب قال: قال رسول
للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة » : الله
ويرى مقعده من الجنة ويجار من عذاب القبر ويأمن من الفزع
الأكبر ويوضع على رأسه تاج الوقار والياقوتة منه خير من الدنيا
وما فيها ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ويشّفع في
.« سبعين من أقربائه
كذلك المرابط في سبيل الله فإنه يأمن من الفزع الأكبر فقد
رباط » : جاء في الطبراني بإسناد صحيح عن أبي الدرداء عن النبي
الرحلة إلى الدارالآخرة ٤٦
يوم خير من صيام دهر ومن مات مرابطاً في سبيل الله أمن من
الفزع الأكبر وغدي عليه برزقه وريح من الجنة ويجري عليه أجر
.« المرابط حتى يبعثه الله
الكاظمون الغيظ
يوم القيامة يدعو رب العزة والجلال من كظم غيظه على
رؤوس الخلائق ثم يخيره من أي الحور العين شاء.
روى الترمذي وأبو داود وحسن إسناده الألباني عن سهل بن
من كظم غيظاً » : معاذ بن جبل عن أبيه قال: قال رسول الله
وهو يقدر أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة
.« حتى يخيره من أي الحور العين شاء
عتق الرقاب المسلمة
من أعظم الأعمال الكريمة التي يتمكن صاحبها من اقتحام
العقبات يوم القيامة عتق الرقاب قال الله تعالى: [فَلَا اقْتحم العقَبةَ *
١٣ }. وروى - وما أَدراك ما العقَبُة * فَ ك رقَبة] {البلد: ١١
من » : قال الإمام أحمد عن عقبة بن عامر الجهني أن رسول الله
.« أعتق رقبة مسلمة فهو فداؤه من النار
فضل المؤذنين
من الذين يظهر فضلهم يوم القيامة المؤذنون فهم أطول الناس
أعناقاً في ذلك اليوم العظيم، فقد جاء في مسلم عن معاوية بن أبي
المؤذنون أطول الناس » : يقول سفيان قال: سمعت رسول الله
.« أعناقاً يوم القيامة
الرحلة إلى الدار الآخرة ٤٧
فطول أعناقهم مناسب لما قاموا به في الدنيا برفع كلمات
التوحيد والدعوة إلى الصلاة وحالهم في الآخرة اشتياق لرحمة الله عز
وجل في ذلك اليوم العظيم.
الذين يشيبون في الإسلام
يكون الشيب للمسلم يوم القيامة نوراً فقد جاء في ذلك
الحديث كما في سنن الترمذي والنسائي عن كعب بن مرة أن
من شاب شيبة في الإسلام كانت له نوراً » : قال رسول الله
. « يوم القيامة
فضل الوضوء
جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
إن أمتي يدعون يوم القيامة ُ غراً » : يقول سمعت رسول الله
.« مح جلين من أثر الوضوء
فهذه الغرة والتحجيل تكون للمؤمن حلية يوم القيامة ففي
: صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله
.« تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء »
الشفاعة
يشتد البلاء بالناس في ذلك الموقف العظيم أمام رب العالمين
فيذهبون لأُولي العزم من الرسل ليشفعوا لهم ويقف المطاف عند
خاتم الأنبياء والمرسلين فيشفع لأمته ولأهل الموقف وقد ثبت في
: البخاري ومسلم عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله
كل نبي سأل سؤالاً أو قال: لكل نبي دعوة دعاها لأمته وإني »
.« اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة
الرحلة إلى الدارالآخرة ٤٨
أنواع الشفاعة
أنواع الشفاعات التي تقع في ذلك اليوم العظيم:
الأولى: الشفاعة العظمى وهي المقام المحمود الذي يرغب الأولون
ليشفع إلى ربه كي يخلص العباد من والآخرون فيه إلى الرسول
أهوال المحشر.
الثانية: الشفاعة في أهل الذنوب من الموحدين الذين دخلوا
النار أن يخرجوا منها.
في أقوام تساوت حسنام وسيئام الثالثة: شفاعة الرسول
فيشفع فيهم ليدخلوا الجنة.
في رفع درجات من يدخل الجنة الرابعة: شفاعة الرسول
فيها فوق ما كان يقتضيه من ثواب أعمالهم.
في أقوام يدخلون الجنة بغير الخامسة: شفاعة الرسول
حساب كما في حديث عكاشة بن محصن رضي الله عنه.
في تخفيف العذاب على عمه أبي السادسة: شفاعة الرسول
طالب.
في الإذن بدخول الجنة للمؤمنين. السابعة: شفاعة الرسول
الحساب والجزاء
يقف العباد بين يدي رب العالمين ليس بينه وبينهم حجاب ولا
ترجمان ويعرفهم بأعمالهم التي عملوها وما كانوا عليه في الدنيا من
إيمان وكفر واستقامة وانحراف وطاعة وعصيان ويكون الحساب منه
العسير ومنه اليسير ومنه التكريم ومنه التوبيخ والمتولي ذلك هو أكرم
الأكرمين وهو العزيز الحكيم.
الرحلة إلى الدار الآخرة ٤٩
مشهد الحساب
عندما تشرق الأرض بنور را ويجيء جل وعلا لفصل القضاء
وتجيء الملائكة بكتب الأعمال التي أحصت على الخلق أعمالهم في
كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ويجيء الرسل في موقف
الفصل والقضاء والحساب ويسألون عن الأمانة التي حملهم الله إياها
ويقوم الأشهاد في ذلك الموقف العظيم فيشهدون على الخلائق بما كان
منهم والأشهاد هم الملائكة والأنبياء والعلماء والأرض والسماء
والليالي والأيام والجوارح ويقوم الناس صفوفاً أمام رب العالمين
للعرض والحساب ولشدة ما يراه الناس في ذلك الموقف العظيم يجثون
على ركبهم.
فنسأل الله العلي القدير أن يسترنا فوق الأرض وتحت الأرض
ويوم العرض وأن يدخلنا الفردوس الأعلى من الجنة.
خاطرة إيمانية
إذا بعث العباد من قبورهم إلى الموقف وقاموا فيه ما شاء الله
حفاةً عراةً ُ غرلاً بهماً وجاء وقت الحساب الذي يريد الله أن
يحاسبهم فيه أمر بالكتب التي كتبتها الملائكة الكرام الكاتبون وذكّر
الناس بأعمالهم فمنهم من يؤتى كتابه بيمينه فأولئك هم السعداء
ومنهم من يؤتى كتابه بشماله من وراء ظهره وهم الأشقياء فعند
ذلك يقرأ كل فريق كتابه فالسعداء إلى الجنة والأشقياء إلى نار.
مّثل وقوفك يوم العرض عري اناً
مستوحشاً قلق الأحشاء حيرانا
والنار تل هب من غيظ ومن حنق
على العصاة ورب العرش غضبانا
إقرأ كتابك يا عبدي على مهل
فهل ترى فيه حرفاً غير ما كانا
الرحلة إلى الدارالآخرة ٥٠
لما قرأت ولم تنكر قراءته
إقرار من عرف الأشياء عرفانا
نادى الجليل خذوه يا ملائكتي
امضوا بعبد عصا للنار عطشانا
المشركون غدا في النار يلتهبوا
والمؤمنون بدار ا ُ لخلد سكانا
سؤال ال كّفار
الصحيح أن الكفار محاسبون مسئولون كما أن أعمالهم توزن
وعلى هذا الأدلة من الكتاب والسنة الصحيحة.
فيحاسبون الكفار وتوزن أعمالهم مع أن أعمالهم هابطة
ومردودة لأمور وهي:
الأول: إقامة الحجة عليهم وإظهار العدل المطلق والحكمة.
الثاني: توبيخهم وتقريعهم وفضيحتهم على رؤوس الخلائق.
الثالث: أن الكفار مكلّفون بأصول الشريعة وفروعها وعليه
الأدلة.
الرابع: أن الكفّار يتفاوتون في كفرهم وذنوم والنار لهم
بمقدار ذلك.
ووزن أعمال الكفّار أن يوضع في إحدى الكفتين كفره
وسيئاته ولا يوجد في الكفة الأخرى حسنة فترجح كفة السيئات
لأن الأصل في ذلك أن الشرك يحبط الأعمال.